كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



قوله: {ارْجِعْ إِلَيْهِمْ} (37) هذا من قول سليمان لرسولها، يعنى بلقيس. وفي قراءة عبد اللّه {ارجعوا إليهم} وهو صواب على ما فسّرت لك من قوله: {يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ} من الذهاب بالواحد إلى الذين معه، في كثير من الكلام.
وقوله: {عِفْرِيتٌ مِنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ} (39) والعفريت: القوىّ النافذ. ومن العرب من يقول للعفريت: عفرية. فمن قال: عفرية قال في جمعه: عفار. ومن قال: عفريت قال: عفاريت وجاز أن يقول: عفار وفي إحدى القراءتين وما أهلّ به للطواغى يريد جمع الطاغوت.
وقوله: {أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقامِكَ} يعنى أن يقوم من مجلس القضاء. وكان يجلس إلى نصف النهار. فقال: أريد أعجل من ذلك.
وقوله: {قالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ} (40) يقول: قبل أن يأتيك الشيء من مدّ بصرك فقال ابن عباس في قوله: {عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتابِ} {يا حىّ يا قيّوم} فذكر أنّ عرشها غارفى موضعه ثم نبع عند مجلس سليمان.
وأمّا قوله: {نَكِّرُوا لَها عَرْشَها} (41) فإنه أمرهم بتوسعته ليمتحن عقلها إذا جاءت. وكان الشياطين قد خافت أن يتزوّجها سليمان فقالوا: إن في عقلها شيئا، وإن رجلها كرجل الحمار: فأمر سليمان بتغيير العرش لذلك، وأمر بالماء فأجرى من تحت الصّرح وفيه السمك. فلمّا جاءت قيل لها {أَهكَذا عَرْشُكِ} فعرفت وأنكرت. فلم تقل، هو هو، ولا ليس به. فقالت {كَأَنَّهُ هُوَ} ثم رفعت ثوبها عن ساقيها، وظنّت أنها تسلك لجّة، واللّجّة: الماء الكثير. فنظر إلى أحسن ساقين ورجلين: وفي قراءة عبد اللّه {وكشفت عن رجليها}.
وقوله: {وَصَدَّها ما كانَتْ تَعْبُدُ} (43) يقول: هي عاقلة وإنما صدها عن عبادة اللّه عبادة الشمس والقمر. وكان عادة من دين آبائها، معنى الكلام: صدّها من أن تعبد اللّه ما كانت تعبد أي عبادتها الشمس والقمر. وما في موضع رفع. وقد قيل: إن صدّها منعها سليمان ما كانت تعبد. موضع ما نصب لأن الفعل لسليمان. وقال بعضهم: الفعل للّه تعالى: صدّها اللّه ما كانت تعبد.
وقوله: {إِنَّها كانَتْ مِنْ قَوْمٍ كافِرِينَ} كسرت الألف على الاستئناف. ولو قرأ قارئ {أنّها} يردّه على موضع {ما} في رفعه: صدّها عن عبادة اللّه أنّها كانت من قوم كافرين. وهو كقولك: منعنى من زيارتك ما كنت فيه من الشغل: أنّى كنت أغدو وأروح. فأنّ مفسّرة لمعنى ما كنت فيه من الشغل.
وقوله: {فَرِيقانِ يَخْتَصِمُونَ} (45) ومعنى {يَخْتَصِمُونَ} مختلفون: مؤمن ومكذّب.
وقوله: {قالَ طائِرُكُمْ عِنْدَ اللَّهِ} (47) يقول: في اللوح المحفوظ عند اللّه. تشاءمون بي وتطيّرون بي، وذلك كلّه من عند اللّه. وهو بمنزلة قوله: {قالُوا طائِرُكُمْ مَعَكُمْ} أي لازم لكم ما كان من خير أو شرّ فهو في رقابكم لازم. وقد بيّنه اللّه في قوله: {وَكُلَّ إِنسانٍ أَلْزَمْناهُ طائِرَهُ فِي عُنُقِهِ}.
وقوله: {قالُوا تَقاسَمُوا بِاللَّهِ} (49) وهى في قراءة عبد اللّه {تَقاسَمُوا بِاللَّهِ} ليس فيها {قالوا}.
وقوله: {لَنُبَيِّتَنَّهُ} التاء والنون والياء كلّ قد قرئ به فمن قال: {تَقاسَمُوا} فجعل {تَقاسَمُوا} خبرا فكأنه قال: قالوا متقاسمين: لنبيّتنّه بالنون. ثم يجوز الياء على هذا المعنى فتقول: قالوا ليبيتنّه بالياء، كما تقول: قالوا لنقومنّ وليقومنّ. ومن قال: تقاسموا فجعلها في موضع جزم فكأنه قال: تحالفوا وأقسموا لتبيّتنه بالتاء والنون تجوز من هذا الوجه لأن الذي قال لهم تقاسموا معهم في الفعل داخل، وإن كان قد أمرهم ألا ترى أنك تقول: قوموا نذهب إلى فلان، لأنه أمرهم وهو معهم في الفعل. فالنون أعجب الوجوه إلىّ، وإنّ الكسائىّ يقرأ بالتاء، والعوامّ على النون.
وهى في قراءة عبد اللّه {تَقاسَمُوا} {ثم لنقسمنّ ما شهدنا مهلك أهله} وقد قال اللّه: {تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ} لأنهم دعوهم ليفعلوا جميعا ما دعوا إليه. وقرأها أهل المدينة وعاصم والحسن بالنون، وأصحاب عبد اللّه بالتّاء. حدثنا أبو العباس قال حدثنا محمد قال حدثنا الفراء قال حدّثنى سفيان ابن عيينة عن حميد الأعرج عن مجاهد أنه قرأ: {ليبيّتنّه} بالياء.
وقوله: {فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ مَكْرِهِمْ أَنَّا دَمَّرْناهُمْ} (51) تقرأ بالكسر على الاستئناف مثل قوله: {فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسانُ إِلى طَعامِهِ أَنَّا صَبَبْنَا الْماءَ} يستأنف وهو يفسّر به ما قبله وإن ردّه على إعراب ما قبله قال: {أنّا} بالفتح فتكون {أنّا} في موضع رفع، تجعلها تابعة للعاقبة.
وإن شئت جعلتها نصبا من جهتين: إحداهما أن تردّها على موضع {كيف} والأخرى أن تكرّ {كان} كأنّك قلت: كان عاقبة مكرهم تدميرنا إيّاهم. وإن شئت جعلتها كلمة واحدة فجعلت {أنّا} في موضع نصب كأنك قلت: فانظر كيف كان عاقبة مكرهم تدميرنا إياهم. وقوله: {وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ} تعلمون أنها فاحشة.
وقوله: {قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلامٌ عَلى عِبادِهِ الَّذِينَ اصْطَفى} (59).
قيل للوط: {قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ} على هلاك من هلك {وَسَلامٌ عَلى عِبادِهِ الَّذِينَ اصْطَفى} {آللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا تشركون} يقول: أعبادة اللّه خير أم عبادة الأصنام.
وقوله: {فَأَنْبَتْنا بِهِ حَدائِقَ ذاتَ بَهْجَةٍ} (60) فقال: {ذات} ولم يقل: ذوات وكلّ صواب.
وإنما جاز أن يقول: {ذات} للحدائق وهى جمع لأنك تقول، هذه حدائق كما تقول: هذه حديقة.
ومثله قول اللّه {وَلِلَّهِ الْأَسْماءُ الْحُسْنى} ولم يقل الحسن و{الْقُرُونِ الْأُولى} ولو كانت حدائق ذوات بهجة كان صوابا. وقال الأعشى في توحيدها:
فسوف يعقبنيه إن ظفرت به ** ربّ غفور وبيض ذات أطهار

ولم يقل: ذوات أطهار. وإنما يقال: حديقة لكل بستان عليه حائط. فما لم يكن عليه حائط لم يقل له: حديقة.
وقوله: {أَإِلهٌ مَعَ اللَّهِ} مردود على قوله: {أَمَّنْ خَلَقَ} كذا وكذا. ثم قال: {أَإِلهٌ مَعَ اللَّهِ} خلقه. وإن شئت جعلت رفعه بمع كقولك: أمع اللّه ويلكم إله! ولو جاء نصبا أإلها مع اللّه على أن تضمر فعلا يكون به النصب كقولك: أتجعلون إلها مع اللّه، أو أتتّخذون إلها مع اللّه.
والعرب تقول: أثعلبا وتفرّ كأنهم أرادوا: أترى ثعلبا وتفرّ. وقال بعض الشعراء:
أعبدا حلّ في شعبى غريبا ** ألؤما لا أبالك واغترابا

يريد: أتجمع اللؤم والاغتراب. وسمعت بعض العرب يقول لأسير أسره ليلا، فلمّا أصبح رآه أسود، فقال أعبدا سائر الليلة، كأنه قال: ألا أرانى أسرت عبدا منذ ليلتى. وقال آخر:
أجخفا تميميّا إذا فتنة خبت ** وجبنا إذا ما المشرفيّة سلّت

فهذا في كل تعجّب خاطبوا صاحبه، فإذا كان يتعجّب من شيء ويخاطب غيره أعملوا الفعل فقالوا: أثعلب ورجل يفرّ منه، لأن هذا خطاب لغير صاحب الثعلب. ولو نصب على قوله أيفر رجل من ثعلب فتجعل العطف كأنه السّابق. يبنى على هذا. وسمعت بعض بنى عقيل ينشد لمجنون بنى عامر:
أألبرق أم نارا لليلى بدت لنا ** بمنخرق من ساريات الجنائب

وأنشدنى فيها:
بل البرق يبدو في ذرى دفئيّة ** يضىء نشاصا مشمخرّ الغوارب

وأنشدنى فيها:
ولو نار ليلى بالشريف بدت لنا ** لحبّت إلينا نار من لم يصاقب

فنصب كل هذا ومعه فعله على إضمار فعل منه، كأنه قال أأرى نارا بل أرى البرق. وكأنه قال.
ولو رأيت نار ليلى. وكذلك الآيتان الأخريان في قوله: {أَإِلهٌ مَعَ اللَّهِ}.
وقوله: {قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ} (65) رفعت ما بعد {إلّا} لأن في الذي قبلها جحدا وهو مرفوع. ولو نصبت كان صوابا. وفي إحدى القراءتين {ما فعلوه إلا قليلا منهم} بالنصب. وفي قراءتنا بالرّفع. وكلّ صواب، هذا إذا كان الجحد الذي قبل إلا مع أسماء معرفة فإذا كان مع نكرة لم يقولوا إلا الاتباع لما قبل إلّا فيقولون: ما ذهب أحد إلّا أبوك، ولا يقولون: إلا أباك. وذلك أن الأب كأنّه خلف من أحد لأن ذا واحد وذا واحد فآثروا الإتباع، والمسألة الأولى ما قبل إلّا جمع وما بعد إلّا واحد منه أو بعضه، وليس بكلّه.
وقوله: {بَلِ ادَّارَكَ عِلْمُهُمْ فِي الْآخِرَةِ} (66) معناه: لعلّهم تدارك علمهم. يقول: تتابع علمهم في الآخرة. يريد: بعلم الآخرة أنها تكون أو لا تكون، لذلك قال: {بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْها بَلْ هُمْ مِنْها عَمُونَ} وهى في قراءة أبىّ {أم تدارك علمهم في الآخرة} بأم. والعرب تجعل بل مكان أم وأم مكان بل إذا كان في أوّل الكلام استفهام، مثل قول الشاعر:
فو اللّه ما أدرى أسلمى تغوّلت ** أم النوم أم كلّ إلى حبيب

فمعناهن: بل. وقد اختلف القراء في {ادّارك} فقرأ يحيى والحسن وشيبة ونافع {بل ادّارك} وقرأ مجاهد وأبو جعفر المدني {بل أدرك علمهم في الآخرة} من أدركت ومعناه، كأنه قال: هل أدرك علمهم علم الآخرة. وبلغني عن ابن عبّاس أنه قرأ: {بلى ادّارك} يستفهم ويشدّد الدال ويجعل في {بلى} ياء. وهو وجه جيّد لأنه أشبه بالاستهزاء بأهل الجحد كقولك للرّجل تكذّبه: بلى لعمرى لقد أدركت السلف فأنت تروى ما لا نروى وأنت تكذّبه.
وقرأ القراء: {أإنّا لمخرجون} (67) و{إنّنا} وهى في مصاحف أهل الشام {إنّنا}.
وقوله: {عَسى أَنْ يَكُونَ رَدِفَ لَكُمْ بَعْضُ الَّذِي تَسْتَعْجِلُونَ} (72) جاء في التفسير: دنا لكم بعض الذي تستعجلون، فكأن اللام دخلت إذ كان المعنى دنا كما قال الشاعر:
فقلت لها الحاجات يطرحن بالفتى ** وهمّ تعنّانى معنّى ركائبه

فأدخل الباء في الفتى لأن معنى يطرحن يرمين، وأنت تقول: رميت بالشيء وطرحته، وتكون اللام داخلة: والمعنى ردفكم كما قال بعض العرب: نفذت لها مائة وهو يريد: نفذتها مائة.
وقوله: {إِنَّ هذَا الْقُرْآنَ يَقُصُّ عَلى بَنِي إِسْرائِيلَ أَكْثَرَ الَّذِي هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ} (76) وذلك أن بنى إسرائيل اختلفوا حتى لعن بعضهم بعضا، فقال اللّه: إنّ هذا القرآن ليقصّ عليهم الهدى مما اختلفوا فيه لو أخذوا به.
وقوله: {وَما أَنْتَ بِهادِي الْعُمْيِ عَنْ ضَلالَتِهِمْ} (81) لو قلت بهاد العمى كان صوابا. وقرأ حمزة {وما أنت تهدى العمى عن ضلالتهم} لأنها في قراءة عبد اللّه {وما إن تهدى العمى} وهما جحدان اجتمعا كما قال الشاعر- وهو دريد بن الصّمّة:
ما إن رأيت ولا سمعت به ** كاليوم طالى أينق جرب

وقوله: {وَإِذا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ} (82) معناه إذا وجب السّخط عليهم وهو كقوله: {حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ} في موضع آخر. وقوله: {أَخْرَجْنا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ} اجتمع القراء على تشديد {تكلّمهم} وهو من الكلام. وحدثنى بعض المحدّثين أنه قال: {تكلّمهم} و{تكلمهم} وقوله: {أنّ الناس} تفتح وتكسر. فمن فتحها أوقع عليها الكلام: تكلّمهم بأن الناس، وموضعها نصب. وفي حرف عبد اللّه {بأن الناس} وفي حرف أبىّ {تنبّئهم أنّ الناس} وهما حجّة لمن فتح وأهل المدينة {تكلّمهم إنّ الناس} فتكون {إنّ} خبرا مستأنفا ولكنه معنى وقوع الكلام. ومثله {فلينظر الإنسان إلى طعامه} من قال: {أنّا} جعله مخفوضا مردودا على الطعام إلى أنا صببنا الماء. ومن كسره قال: إنّا أخبر بسبب الطعام كيف قدّره اللّه.
وقوله: {وَيَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ} (87) ولم يقل فيفزع، فجعل فعل مردودة على يفعل.
وذلك أنه في المعنى: وإذا نفخ في الصّور ففزع ألا ترى أن قولك. أقوم يوم تقوم كقولك: أقوم إذا تقوم، فأجيبت بفعل، لأن فعل ويفعل تصلحان مع إذا. فإن قلت فأين جواب قوله: {ويوم ينفخ في الصّور}؟ قلت: قد يكون في فعل مضمر مع الواو كأنه قال: وذلك يوم ينفخ في الصور.
وإن شئت قلت: جوابه متروك كما قال: {وَلَوْ تَرى إِذْ فَزِعُوا فَلا فَوْتَ}.
وقوله: {وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا} (87) قد ترك جوابه. واللّه أعلم.
وقوله: {وَكُلٌّ أَتَوْهُ داخِرِينَ} القرّاء على تطويل الألف يريدون: فاعلوه. وقصرها حمزة حدّثنا أبو العبّاس قال حدثنا محمد قال حدثنا الفراء حدثنى عدة منهم المفضل الضبي وقيس وأبو بكر كلهم عن جحش بن زياد الضبىّ عن تميم بن حذلم قال: قرأت على عبد اللّه بن مسعود {وكلّ آتوه داخرين} بتطويل الألف. فقال: {وَكُلٌّ أَتَوْهُ} بغير تطويل الألف وهو وجه حسن مردود على قوله: {فَفَزِعَ} كما تقول في الكلام: رآنى ففرّ وعاد وهو صاغر. فكان ردّ فعل على مثلها أعجب إلىّ مع قراءة عبد اللّه. حدثنا أبو العباس قال حدثنا محمد قال حدثنا الفراء قال وحدثنى عبد اللّه بن إدريس عن الأعمش عن تميم عن عبد اللّه بمثل حديث أبى بكر وأصحابه.
وقوله: {وَهُمْ مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ} (89) قراءة القراء بالإضافة. فقالوا {وَهُمْ مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ} و{يَوْمَئِذٍ} وقرأ عبد اللّه بن مسعود في إسناد بعضهم بعض الذي حدثتك {مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ} قرأها عليهم تميم هكذا {وَهُمْ مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ} فأخذها بالتنوين والنصب. والإضافة أعجب إلىّ وإن كنت أقرأ بالنصب لأنه فزع معلوم، ألا ترى أنه قال: {لا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ} فصيّره معرفة. فأن أضيفه فيكون معرفة أعجب إلىّ. وهو صواب.
وقوله: {وَأَنْ أَتْلُوَا الْقُرْآنَ} (92) وفي إحدى القراءتين {وأن اتل} بغير واو مجزومة على جهة الأمر. قد أسقطت منها الواو للجزم على جهة الأمر كما قال: {قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ وَلا تَكُونَنَّ} فجعل الواو مردودة بالنهى على حرف قد نصب بأن لأن المعنى يأتى في {أمرت} بالوجهين جميعا، ألا ترى أنك تقول: أمرت عبد اللّه أن يقوم، وأن قم. وقال اللّه: {وَأُمِرْنا لِنُسْلِمَ لِرَبِّ الْعالَمِينَ وَأَنْ أَقِيمُوا الصَّلاةَ} فهذا مثل قوله: {وَأَنْ أَتْلُوَا الْقُرْآنَ}. اهـ.